الخصائص العامة للإسلام: العالمية والتوازن والاعتدال
نصوص الانطلاق:
قال
الله تعالى:
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ
جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُون﴾.
(سورة الاعراف، الآيات 158).
عَنْ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ
اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَال: «إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى
نفسك عبادة الله، فإن المنبت لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى, فاعمل عمل امرئ تظن أن
لن يموت أبدا, واحذر حذرا شديدا تخشى أن تموت غدا».
(البيهقي في شعب الإيمان).
توثيق النصوص:
التعريف بسورة الأعراف:
سورة لأعراف مكية ما عدا الآيات من 163 إلى 170 فهي مدنية، وهي من السور الطول،
عدد آياتها 206 آية، وهي السورة السابعة في ترتيب المصحف الشريف، نزلت بعد سورة
"ص" تبدأ السورة بحروف مقطعة "المص"، سميت هذه السورة بسورة
الأعراف لورود ذكر اسم الأعراف فيها وهو سور مضروب بين الجنة والنار يحول بين
أهلهما، سورة الأعراف من أطول السور المكية وهي أول سورة عرضت للتفضيل في قصص
الأنبياء ومهمتها كمهمة السورة المكية تقرير أصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله
جل وعلا وتقرير البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة.
التعريف براوي الحديث:
عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشي السَّهْمي، أسلم عبد الله قبل أبيه،
كان يسمى العاصّ تبعاً لاسم جدّه، فسمّاه النبي عبدَ الله، وقد ترعرع في أسرة
ميسورة الحال تعنى بالتجارة، كان عبد الله مثالاً رائعاً للفضيلة والانقطاع
للعبادة والنسك، جمع بين العلم والعمل، واشْتُهِرَ بكثرة الحديث والاجتهاد، وصحّ
عنه كثرة صيام النهار وقيام الليل والزهد والعمل للآخرة، حتى كبر وضعف وكُفَّ
بصرُه، فندم على عدم أخذه برخصة النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال له: «بلغني أنك
تقول: لأقومَنَّ الليل وأصومَنَّ النهار ما عشت، فقال: لقد قلتُه، فقال له: لا
تفعل، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ»، وهكذا أفنى حياته بين جمع العلم ونَشْرِهِ،
والجهاد والتعبد في المسجد، حفظ عبد الله القرآن أولاً بأول وتدبرَّ معانيه، وكانت
له عناية كبيرة بالحديث النَّبوي، ولما كان يجيد القراءة والكتابة أباح له
النبي كتابة الحديث، جمع ما كتب في صحيفة
سمّاها «الصحيفة الصادقة»، وقيل: إنها اشتملت على ألف حديث، وُجِدَ بعضٌ منها في
مسند الإمام أحمد بن حنبل، وكانت صحيفته من الدلائل على كتابة الحديث النبوي منذ
البعثة الشريفة، وكان فوق هذا يجيد السريانية فاطلع على التوراة لتفسير قصص
القرآن، وقد رُزِق عبد الله تلاميذ كثيرين، أشهرهم التابعي الجليل سعيد بن
المُسيَّب، وقد اختلف الرواة في مكان وفاة هذا الصحابي الجليل، وذلك لكثرة سعيه في
الجهاد ونشر العلم، فقيل: توفي ـ رضوان الله عليه ـ بمصر التي فتحها أبوه عمرو بن
العاص، وقيل: توفي في مكة مسقط رأسه، وقيل، توفي في عسقلان بفلسطين، عن عمر يبلغ
اثنتين وسبعين سنة.
الشرح اللغوي والاصطلاحي:
§
يا أيها الناس: خطاب
للجميع العربي والعجمي والأحمر والأسود.
§
وكلماته: جميع الكتب السماوية
السابقة أو ( تشريعاته).
§
متين: متُن – متانة صلُب
واشتد وقوي، فهو متن ومتين.
§
فأوغل: يقال أوغل في
العلم أو الدين: ذهب وبالغ وأبعد.
§
المنبت: انبت: انقطع،
والمنبت هو من يبالغ في طلب الشيء ويفرط حتى ربما يفوّته على نفسه.
استخلاص مضامين النصوص:
ü تدل الآية الكريمة على أن سيدنا محمدا رسول من الله إلى الناس كافة ودعوته
عالمية وشاملة.
ü تحذير النبي من التشدد
والغلو وبيان عاقبته، وإرشاده إلى التوسط والاعتدال.
تحليل المفاهيم
خاصية العالمية:
أ - مفهوم
العالمية:
هو أن رسالة الإسلام غير محدودة بعصر، ولا جيل، ولا بمكان، فهي تخاطب
كل الأمم وكل الأجناس وكل الشعوب وكل الطبقات، وهي هداية رب الناس لكل الناس،
ورحمة الله لكل عباد الله
ب - الأدلة على عالمية الإسلام:
فمن آيات القرآن الكريم قوله تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله
إليكم جمبعا...)، وقوله: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا)،
وقوله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ... وغيرها، ومن السنة النبوية قوله
عليه السلام: [أنا رسول من أدركت حيا ومن يولد بعدي]، وقوله: [والذي نفسي بيده لا
يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يومن بي إلى دخل النار[ رواه
مسلم .
وعالمية الإسلام آمر من صميم هذا الدين مركوزة فيه بحكم طبيعته، تجسد
منذ البداية رموزا في (بلاد الحبشة، وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وعمر القرشي)،
وأيضا كتب الرسول إلى أمراء وملوك عصره تؤكد ذلك.
أهمية عالمية الإسلام:
وتتجلى عالمية الإسلام في:
ü
تعايش
الناس في سلام وأمان متآخين مترابطين على أساس مبادئ الكرامة الإنسانية والمساواة
والحرية.
ü
القضاء
على العنصرية والعصبية والطبقية بكل أشكالها– كما في الآيات والأحاديث الكثيرة
ü
انتشار
عقيدة الإسلام في جميع أنحاء العالم منذ نزوله وإلى يومنا هذا، ويعتبر في عصرنا
الحاضر من أكثر الديانات انتشارا بين الناس عن حرية واقتناع رغم المؤامرات التي
تحاك ضده .
ü
حماية
حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.
مظاهر عالمية في
الإسلام:
ü
ختم
الرسالات السماوية السابقة ونسخها بالإسلام وجعله عالميا إلى كافة الناس، قال
تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
ü
كونه
رسالة ربانية إنسانية رحيمة بالإنسان قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
ü
كونه
دين سلام وتسامح لاعنت فيه ولا تشدد ولا تطرف ولا غلو.
ü
كونه
يحقق المساواة المطلقة بين الناس ويقضي على كل الفوارق...
ü
كونه
خالدا ومتجددا يسد حاجات الناس جميعا في كل زمان ومكان ⋯
خاصية التوازن والاعتدال: (الوسطية):
مفهوم التوازن
والاعتدال:
التوازن والاعتدال قرينان ومترافدان، والمقصود منهما: التعادل
والتوفيق بين الشيئين المتقابلين المتضادين، بحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه
ويطغى على مقابله، ومن أمثلة للأطراف المتقابلة أو المتضادة في حياة الإنسان:
الروحية والمادية، الفردية والجماعية، الدنيوية والأخروية الثبات والتغير، وغيرها،
ومعنى التوازن بينها أن يفسح لكل طرف منها مجاله ويعطي حقه بلا غلو ولا تقصير.
بعض الأدلة الشرعية على
وسطية الإسلام واعتداله:
فمن القرآن قوله تعالى: (وكذالك جعلناكم أمة وسطا... )، وقوله تعالى:
(والسماء رفعها ووضع المزان...) وقوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم
يقتروا وكان بين ذلك قواما)، ومن السنة قوله عليه السلام: (إياكم والغلو في الدين فإن الغلو أهلك
من كان قبلكم)، وقوله: (إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل
ذي حق حقه).
أهمية التوازن
والاعتدال في الإسلام:
من حكمته سبحانه أن اختار التوازن والاعتدال شعارا مميزا لهذه الأمة
التي هي أخر الأمم، ولهذه الرسالة الخاتمة، وبعث بها خاتم رسله جميعا وتتجلى
الأهمية فيما يلي:
ü
أن
ذلك يمثل منطق الآمان والبعد عن الخطر فالإسلام متوازن في الإعتقاد والتصور وفي
التعبد والتنسك وفي الأخلاق والآداب وفي التشريع ...
ü
أن
ذلك طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من
الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة ما لا تثيره المذاهب المعتدلة في العادة.
ü
أن
ذلك يجعل المسلم متوازنا ولا يشعر بأي تعارض بين عمله لدنياه وعمله لدينه باعتبار
كل عمل صالح عبادة وذلك منبع قوة شخصية
المسلم في كل سلوكاته وأعماله ومفتاح نجاحه في الدنيا والآخرة
0 التعليقات:
إرسال تعليق