صفات الله تعالى: الصفات الواجبة والصفات المستحيلة
نصوص الانطلاق:
قال
الله تعالى:
﴿قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ©اللَّهُ الصَّمَدُ©لَمْ
يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ©وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا
أَحَدٌ﴾.
قال بن عاشر رحمه الله:
يجب لله الوجود والقــــدم كذا البقاء والغنى
المطلق عـم
وخلقه لخلقه بلا مــــثـال ووحدة الذات، ووصف الفعال
وقدر، إرادة، علم، حـــــياة سمع، كلام، بصر ذي
واجبات
ويستحيل ضد هذه الصفات العدم، الحدوث، ذا
للحادثات
كذا الفنا، والافتقار
عـــده وأن يماثل، ونفي الوحــــــدة
عجز كراهة، وجهل و ممات وصمم وبكم: عمى، صـــما
الحبل المتين على نظم-ابن عاشر-:
المرشد المعين على الضروري من علوم الدين
لمحمد بن محمد بن لمبارك الفتحي المراكشي ص4
و5
توثيق النصوص:
التعريف بسورة الإخلاص:
سورة الإخلاص مكية، هدد آياتها أربع آيات، وهي السورة رقم 112 من ترتيب سور
المصحف الشريف، نزلت بعد سورة "الناس"، بدأت بفعل أمر "قل"،
سميت "سورة الإخلاص" لما فيها من التوحيد ولذا سميت أيضا "سورة
الأساس" وقل هو الله أحد والتوحيد والإيمان ولها غير ذلك أسماء كثيرة، يدور
محور السورة حول صفة الله جل وعلا الواحد الأحد الجامع لصفات الكمال المقصود على
الدوام الغني عن كل ما سواه المتنزه عن صفات النقص وعن المجانسة والمماثلة وردت
على النصارى القائلين بالتثليث وعلى المشركين الذين جعلوا لله الذرية والبنين.
التعريف بابن عاشر:
عبد الواحد بن عاشر الأندلسي هو أبو محمد عبد الواحد
بن أحمد بن علي ابن عاشر الأنصاري، المعروف بابن عاشر، وهو من حفدة الشيخ أبي
العباس ابن عاشر السلاوي، يعد من أبرز علماء المذهب المالكي واشتهر بمنظومته
"المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" والتي نظم فيها الفقه
المالكي، بالإضافة إلى باب العقيدة والتصوف، والتي تعد مرجع مهم عند علماء المذهب
المالكي، ولد بمدينة فاس عام 990هـ/1582م، وسكن بدار أسلافه الكبرى بحومة درب
الطويل من فاس القرويين، بدأ تحصيل علومه بحفظ القرآن الكريم، فقرأه على يد الشيخ
أبي العباس أحمد بن عثمان اللمطي، وأخذ القراءات السبع على يد الشيخ أبي العباس
الكفيف، ثم على يد الشيخ أبي عبد الله محمد الشريف التلمساني، كما أخذ الفقه عن
جماعة من شيوخ عصره، ألف الشيخ ابن عاشر
أربعة عشر كتاباً، كان أهمها وأشهرها نظمه في قواعد الإسلام الخمس ومبادئ التصوف،
الذي سماه «المرشد المعين على الضروري من علوم الدين»، وبه اشتهر وعرف، داخل
المغرب وخارجه، ومن تآليفه أيضاً «شرح مورد الظمآن في علم رسم القرآن»، و«شرح على
مختصر خليل، من النكاح إلى العلم»، و«رسالة في عمل الربع المجيب»، و«تقييد على
العقيدة الكبرى للسنوسي»، وغيرها، توفي ابن عاشر عن عمر يناهز الخمسين سنة، إثر
إصابته بمرض مفاجئ يسمى على لسان العامة بـ: «النقطة»، وهو داء عصبي يؤدي إلى
الشلل الكلي، وقيل مات مسموماً بسبب سم وضع له في نوار الياسمين، وذلك يوم الخميس
3 ذي الحجة عام 1040هـ/الموافق لـ 3 يوليوز 1631م، ودفن بأعلى مطرح الجنة، بقرب
مصلى باب فتوح بفاس، وبني عليه قوس معروف غرب روضة يوسف الفاسي، بجوار السادات
المنجريين.
الشرح اللغوي والاصطلاحي:
o
الصمد: أي المقصود في جميع
الحوائج، لأنه الكامل في أسمائه وصفاته السيد في ملكه.
o
كفؤا: نفي الشبيه
والمثيل والنظير عن الله في أسمائه وصفاته وأفعاله .
o
يستحيل: انقلاب الشيء عن
حاله وهنا معناه ينتفي.
o
الضد: مطلق المنافي.
والضدان شيئان موجودان مختلفان مطلقا لا يجتمعان معا وقد يرتفعان معا.
استخلاص مضامين النصوص:
ü اشتمال سورة الإخلاص على توحيد الأسماء والصفات (الصفات السلبية).
ü تنبيه الله سبحانه إلى حقيقة عظيمة وهي أن ذاته وصفاته وأفعاله لا يشبهها شيء
لدى مخلوقاته.
التحليل والإيضاح:
ضوابط البحث في صفات
الله تعالى:
إن البحث في صفات الله تعالى يقتضي مراعاة بعض الأمور التي تجنب العقل
من الانحراف والزلل وتمكنه من تنزيه الله سبحانه عما لا يليق بجلاله وكماله،
والعقل البشري يدل على وجود الله دون ماهية ذاته سبحانه ويدل على صفاته الأخرى دون
العلم بكيفياتها، ولهذا يحتاج دارسها إلى مراعاة ضوابط محددة منها:
ü
الاحتراز
من الخوض في كيفية الصفات.
ü
الاحتراز
من الوقوع في التجسيم.
ü
تنزيه
الله عن مشابهة الخلق، قال تعالى« لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ » الشورى الآية 11.
مفهوم الصفات الواجبة لله تعالى:
مفهوم الصفات الواجبة
لله تعالى:
الصفات: هي كل حلية يحلى بها الشيء وكل نعت ينعت به، والواجبة:
اللازمة والثابتة له سبحانه، والصفات الواجبة تعتبر أصلا لغيرها من الصفات، وهي
طريق معرفة الله سبحانه، وإدراك حقيقة ذاته سبحانه مستحيل، قال تعالى: (لا تدركه
الأبصار وهو يدرك الأبصار ...)، والتشابه في بعض الأسماء والصفات بين الله وخلقه
هو لا يعدو ذلك، وكل أحد يعلم كمال الله ونقص العبد، وفي مقابل الصفات الواجبة
هناك ما يضادها من الصفات المستحيلة المنافية لكمال الله سبحانه.
الصفات الواجبة لله
تعالى وأنواعها:
تنقسم الصفات الواجبة لله إلى أربعة أنواع:
أ - الصفة النفسية:
وهي الوجود الذاتي لله الذي لا يقبل العدم لا أزلا ولا أبد.
ب - الصفات السلبية:
وهي تدل على سلب ما لا يليق بالله سبحانه وأصولها خمسة:
1.
القدم: عبارة عن سلب العدم السابق على الوجود.
2.
البقاء: عبارة عن سلب العدم اللاحق للوجود.
3.
مخالفة الله للحوادث: أي مخالفة ذاته وصفاته وأفعاله للحوادث
(المخلوقات).
4. الغنى المطلق:
أي قيامه تعالى بنفسه، وعدم افتقاره إلى محل ...
5.
الوحدانية: أي أنه تعالى لا نظير له في ذاته أو صفاته أو أفعاله.
ج - صفات المعاني:
وهي كل صفة قائمة بموصوف توجب له حكما، وهي سبع صفات:
1.
الحياة: صفة تتيح لمن قامت به أن يتصف بالإدراك.
2.
العلم: صفة ينكشف به المعلوم على ما هو به انكشافا لا يحتمل النقيض.
3.
الإرادة: صفة يتأتى بها تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه.
4.
القدرة: صفة يتأتى بها إيجاد الممكن وإعدامه على وفق الإرادة.
5.
الكلام: المعنى القائم بالذات المعبر عنه بالعبارات المختلفات ....
6.
السمع: صفة ينكشف بها كل موجود على ما هو به انكشافا يباين سواه ضرورة.
7.
البصر: صفة ينكشف بها كل موجود انكشافا مخالفا لانكشاف السمع والعلم.
د - الصفات المعنوية:
وهي تشتق من صفات المعاني للدلالة على قيامها بذاته سبحانه، فاتصافه
تعالى بصفات المعاني يستلزم كونه: حيا، عالما، مريدا، قادرا، متكلما، سميعا،
بصيرا، وعكس هذا صحيح، فهذان النوعان متلازمان يدل أحدهما على الأخر والعكس.
الصفات المستحيلة في حق الله تعالى:
وهي التي يستحيل عقلا اتصاف الله بها لأنها منافية لما ثبت لله نقلا
وعقلا من صفات واجبة تناسب عظمته، وتحدد انطلاقا من كل صفة واجبة بتعيين ضدها وذلك
كالتالي:
ü العدم ≠ الوجود.
ü الحدوث≠ القدم.
ü الفناء≠البقاء.
ü المماثلة
للحوادث ≠المخالفة لها.
ü الافتقار ≠
الغنى المطلق.
ü نفي الوحدة
≠الوحدانية.
ü الموت≠ الحياة.
ü الجهل ≠العلم.
ü الكراهة≠
الإرادة.
ü العجز ≠ القدرة.
ü البكم ≠ الكلام.
ü الصمم≠السمع.
ü العمى≠ البصر.
üأما الصفات
المعنوية فأضدادها واضحة من أضداد صفات المعاني كما سبق.
أهمية الصفات الإلهية في حياة الفرد والجماعة:
كل اسم من أسماء الله الحسنى أو صفة من صفاته تعالى عندما يستحضرها
المسلم في ذهنه وقلبه وينفعل بها، توجهه إلى تغيير سلوكه حتى ينسجم قدر المستطاع
مع مدلولها ويتمثل في واقعه حقيقة الإيمان بها، ومن الآثار والتغييرات السلوكية
الناتجة عن الإيمان بذلك على مستوى الفرد والجماعة ومؤسسات الدولة:
ü توجيه الفرد إلى
التخلق بالأخلاق الحسنة وتقويم سلوكه مع خالقه ونفسه والكائنات المحيطة به كأخلاق
الرحمة والحلم والرفق والصبر واللطف، لأنه سبحانه رحيم حليم لطيف ... والمسارعة
إلى الأعمال الصالحة وإحساسه بمراقبة الله تعالى لأن الله عليم خبير سميع بصير...
ü توجيه الجماعة
لتوجيه وجهتها وأهدافها وفق ما تدل عليه صفاته تعالى وتحقق بذلك وحدتها وتعاونها
على البر والتقوى.
ü توجيه مؤسسات
الدولة إلى تربية النفوس وزجرها عن شرها وتوجيه الناس إلى البحث والنظر والتفكير
في مخلوقات الله المختلفة لاكتشاف مكوناتها واختراع ما يؤدي إلى تنمية البلاد و
تطور المجتمع.
3 التعليقات:
سبحان الله العظيم
جزاكم الله خيرا افتمونا افادكم الله
شرح ماتع بارك الله فيكم
إرسال تعليق